وجوب اتباع سنة النبيe وسنة خلفائه الراشدين
عن العرباض بن سارية t قال: قال النبي e: "عليكم بسنتي، وسُنَّة الخلفاء المهديين الرَّاشدين، تمسَّكوا بها، وعضُّوا عليها بالنَّواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ" رواه أبو داود برقم: (4607) والترمذي برقم: (2676)، وقال حسن صحيح.
شعارُ الحجِّ التوحيدُ
قال الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود} [الحج:26]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر t؛ أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِe: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ". رواه البخاري برقم: (1549) ومسلم برقم: (1184).
"إن المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها شرفها المولى سبحانه وتعالى بخدمة الحرمين الشريفين، والعناية بهما، وجعلت ذلك في مقدمة اهتماماتها واتخذت الجهود كافة وسخرت جميع الإمكانات بما يوفر وسائل الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن". واس 11/ 12/ 1444هـ
صاحب السمو الملكي الأمير
محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله-
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء
عن أبي هريرة t قال: قالe: "مَنْ حَجَّ لِلهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" رواه البخاري برقم: (1521) واللفظ له، ومسلم برقم: (1350)
عن أبي هريرة tأن النبي r قال: "الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ". رواه البخاري برقم: (1773)، ومسلم: برقم: (1349)
تحقيق التوحيد لقاصد البلد الحرام
قال الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود} سورة الحج:26
الحج لمن استطاع إليه سبيلا
قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} سورة آل عمران: 97
مكانة البيت الحرام والأمان لمن دخله قال تعالى: {إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} سورة آل عمران آية 96-97
المبادرة إلى أداء الحج
"المسلم مطالب شرعاً بالمسارعة إلى الخيرات، وفعل ما يرضي رب الأرض والسماوات، والمبادرة إلى أداء الحج وقضاء هذا النسك العظيم وهذه الفريضة الكبيرة التي هي من مباني هذا الدين العظيم" رسائل إلى حاج (ص/21)
الحج سبب لهدم الذنوب والسيئات
قال النبي ﷺ لعمرو بن العاص رضي الله عنه: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله" رواه مسلم برقم: (121)
إذا وصل مريد الحج أو العمرة الميقات فيشرع له أمور منها: 1/ يجب عليه أن يتجرد من ثيابه، ويستحب له أن يغتسل؛ لحديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله واغتسل" رواه الترمذي برقم (830)، وصححه الألباني في صحيح جامع الترمذي (1/ 433)، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: "أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب وأحرمي" رواه مسلم (1218)، قال النووي-رحمه الله-: (اتفق العلماء على أنه يستحب الغسل عند إرادة الإحرام بحجٍّ أو عمرةٍ أو بهما، سواء كان إحرامه من الميقات الشرعي أو غيره) ((المجموع)) (7/ 212). 2/يسن لمريد النسك التطيب في البدن لا في الثياب قبل الدخول في الإحرام، ولو بقي أثره وجرمه بعد الإحرام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" رواه البخاري برقم (1539)، ومسلم برقم (1189). 3/أن يحرم الرجل في رداء وإزار ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين، ويحرم في نعلين؛ لحديث عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين" رواه أحمد في المسند برقم: (4899)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (1096). أما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب المباحة لها، قالت عائشة رضي اللَّه عنها: "المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرْقع، ولا تَتَلثَّم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت" أخرجه البيهقي (5/47) قال الألباني في الإرواء (4/212): "بسند صحيح"، ويحظر على المحرمة لبس النقاب والقفازين لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال: "المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين" رواه أبوداود برقم: (1825)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (1602). 4/ يجب عليه الإحرام وهو: نية الدخول في النسك من حجٍّ أو عمرة، والتلفظ بالنسك الذي أراد الدخول فيه للحج أو العمرة، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة، فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة، فليهل" رواه البخاري (1786)، ومسلم (1211). فأنواع النسك ثلاثة (التمتع والقِران والإفراد)، وصفة هذه الأنساك إجمالًا على التالي: أولاً/ التمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويأتي بالعمرة كاملة ويحل منها، فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وأدى بقية المناسك، وعليه هدي. ثانياً/ القران: أن يحرم بالعمرة والحج جميعًا، فإذا دخل مكة طاف للقدوم، ثم سعى للعمرة والحج سعيًا واحدًا، واستمر في إحرامه إلى يوم العيد، وعليه هدي. ثالثا/ الإفراد: أن يحرم بالحج فقط، فإذا دخل مكة طاف للقدوم، ثم سعى للعمرة والحج سعيًا واحدًا، واستمر في إحرامه إلى يوم العيد، وليس عليه هدي.
يسن طواف القدوم للقارن والمفرد للقادم منهما إلى مكة من خارجها، قال جابر بن عبدالله-رضي الله عنهما- في حديثه الطويل في بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: "حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً" رواه مسلم (1218)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قارنُا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: لَا أَشُكُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا» «مجموع الفتاوى» (26/ 283)، والمكي ليس عليه طواف قدوم إذا حج قارنًا أو مفردًا قال ابن رشد المالكي-رحمه الله- "وأجمعوا على أن المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة" «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (2/ 109). وأما من كان متمتعًا فمن أركان العمرة الطواف بالبيت أثناء عمرته. وصفة الطواف بالبيت: "هي أن يبتدئ طوافه من الركن الذي فيه الحجر الأسود، ثم يستلمه بيمينه ويقبله إن تيسر ذلك ولا يؤذي الناس بالمزاحمة، ويقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر". فإن شق التقبيل استلمه بيده أو عصا، وَقَبَّلَ ما استلمه به فإن شق استلامه أشار إليه وقال: "الله أكبر". ولا يقبل ما يشير به، ويجعل البيت عن يساره حال الطواف فيحاذي بجميع بدنه جميع الحجر، ثم يبتدئ طوافه جاعلاً يساره إلى جهة البيت، ثم يمشي طائفاً بالبيت، ثم يمر وراء الحِجْر، ويدور بالبيت، فيمر على الركن اليماني، ثم ينتهي إلى ركن الحجر الأسود، وهو المحل الذي بدأ منه طوافه، فتتم له بهذا طوافة واحدة، ثم يفعل كذلك، حتى يتمم سبعا" انظر: «أضواء البيان» (4/ 388)، و«التحقيق والإيضاح» (ص14).
السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحج والعمرة، قال النووي الشافعي-رحمه الله-: (إن السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحج لا يصح إلا به ولا يُجبَر بدمٍ ولا غيره) «شرح صحيح مسلم» (9/ 20)، فيخرج الحاج بعد طوافه إلى الصفا فيرقاه أو يقف عنده والرقي على الصفا أفضل إن تيسر ويقرأ عند ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ويستحب أن يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره ويقول: "لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" ثم يدعو بما تيسر رافعًا يديه، ويكرر هذا الذكر ثلاث مرات والدعاء بينها. ويتحلل المتمتع بالحلق-إن كان الوقت واسعاً- أو التقصير، وأما المفرد والقارن فيبقيان على أحرامهما إلى يوم العيد.
فإذا كان يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة استحب للمحلين بمكة ومن أراد الحج من أهلها الإحرام بالحج من مساكنهم، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج" رواه مسلم (1218). وعنه رضي الله عنهما قال: "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى وأهلوا بالحج، وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر..." رواه مسلم (1218). قال ابن رشد المالكي –رحمه الله-: "واتفقوا على أن الإمام يصلي بالناس بمنى يوم التروية، الظهر والعصر والمغرب والعشاء بها مقصورة إلا أنهم أجمعوا على أن هذا الفعل ليس شرطاً في صحة الحج لمن ضاق عليه الوقت". «بداية المجتهد» (1/ 346).
وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، واسم للمكان المشهور به، ويسمى عرفات أيضًا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ العَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا» فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199]" متفق عليه. قال ابن المنذر –رحمه الله-: «أجمعوا على أن الوقوف بعرفة فرض، ولا حج لمن فاته الوقوف بها» «الإجماع لابن المنذر» (ص57). وإذا غابت الشمس خرج من عرفات إلى مزدلفة ليصلي المغرب والعشاء بها جمعاً جمع تأخير، وقصرًا ويبيت بها عن جابر رضي الله عنه في حديثه: "فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص، فأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء بالزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة" رواه مسلم برقم (1218).
عن جابر رضي الله عنه: "حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام …" رواه مسلم برقم (1218)، «ويبيت الحاج في هذه الليلة بمزدلفة ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان وأصحاب الأعذار أن يدفعوا إلى منى آخر الليل، وأما غيرهم من الحجاج فيتأكد في حقهم أن يقيموا بها إلى أن يصلوا الفجر ثم يقفوا عند المشعر الحرام فيستقبلوا القبلة ويكثروا من ذكر الله وتكبيره والدعاء إلى أن يسفروا جداً، ويستحب رفع اليدين هنا حال الدعاء وحيثما وقفوا من مزدلفة أجزأهم ذلك» انظر: «التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب» (ص62).
إذا جاء منى بعد إفاضته من مزدلفة بدأ بجمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة، فعن جابر رضي الله عنه وفيه: "حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمي من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر" رواه مسلم برقم: (1218). وعن الفضل بن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة" رواه البخاري (1685)، ومسلم: (1281). ولا يرمي من الجمرات في يوم العيد إلا جمرة العقبة، قال ابن المنذر-رحمه الله-: "أجمعوا على أنه لا يرمى في يوم النحر غير جمرة العقبة". «الإجماع لابن المنذر" (ص58).
قال تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ) [البقرة: 196]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثم ليهل بالحج ويهدي، فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227). الهدي شاة، أو سُبْع بدنة، أو سُبْع بقرة، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية البدنة عن سبعةٍ، والبقرة عن سبعةٍ"، رواه مسلم (1218)، وعنه رضي الله عنهما قال: "فنحر عليه السلام ثلاثاً وستين، فأعطى علياً فنحر ما غبر، وأشركه في هديه" رواه مسلم (1218)، وعن أبي جمرة قال: "سألت ابن عباس رضي الله عنهما، عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي، فقال: فيها جزورٌ، أو بقرةٌ، أو شاةٌ، أو شركٌ في دمٍ" رواه البخاري (1688)، ومسلم (1242). "ويجب على الحاج إذا كان متمتعاً أو قارناً ،ولم يكن من حاضري المسجد الحرام وهم أهل مكة، دم وهو شاة أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة. ويجب أن يكون ذلك من مال حلال وكسب طيب؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً. فإن عجز المتمتع والقارن عن الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وهو مخير في صيام الثلاثة إن شاء صامها قبل يوم النحر وإن شاء صامها في أيام التشريق الثلاثة. قال تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية [البقرة: 196] . وفي صحيح البخاري برقم (1997)، عن عائشة وابن عمر –رضي الله عنهما -قالا «لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي» وهذا في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والأفضل أن يقدم صوم الأيام الثلاثة على يوم عرفة ليكون في يوم عرفة مفطراً لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم عرفة مفطراً، ولأن الفطر في هذا اليوم أنشط له على الذكر والدعاء ويجوز صوم الثلاثة الأيام المذكورة متتابعة ومتفرقة، وكذا صوم السبعة لا يجب عليه التتابع فيها بل يجوز صومها مجتمعة ومتفرقة لأن الله سبحانه لم يشرط التتابع فيها وكذا رسوله عليه الصلاة والسلام، والأفضل تأخير صوم السبعة إلى أن يرجع إلى أهله، لقوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196]" «التحقيق والإيضاح » (ص77)،وانظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز(17/84).
ويحلق أو يقصر الحاج، فعَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُمْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ". رواه البخاري (4410)، ومسلم (1304). قال ابن عبدالبر المالكي –رحمه الله-:"ويجب حِلاقُ جميع الرأس أو تقصير جميعه". «التمهيد » (15/ 238).
وهو من أركان الحج، قال الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، وَقَوْلُهُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، قال المفسرون المقصود بذلك: " طواف الإفاضة" منهم ابن عباس رضي الله عنهما، قال في قوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج: 29] يعني: «زيارة البيت»، رواه الطبري (16/532)،وقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: "الطَّوَافَ الْوَاجِبَ يَوْمَ النَّحْرِ". تفسير ابن كثير (412/5) . قال ابن قدامة الحنبلي –رحمه الله-: (يسمى طواف الإفاضة لأنه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، وهو ركنٌ للحج لا يتم إلا به لا نعلم فيه خلافا" «المغني» (3/ 390). ويسن ترتيب هذه الأعمال يوم العيد على النحو التالي : 1 ـ رمي جمرة العقبة. 2 ـ نحر الهدي إن كان متمتعًا أو قارنًا، ولهما أن يوكلا غيرهَما في النحر. 3 ـ الحلق أو التقصير. 4 ـ الطواف ثم السعي إن كان متمتعاً أو كان مُفرداً أو قارناً ولم يَسعَ مع طواف القدوم. لأن النبي صلى الله عليه وسلّم رتبها هكذا وقال: «لتأخذوا عني مناسككم» رواه مسلم برقم: (310)، فإن قدّم بعضها على بعض فلا بأس لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم قيلَ له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: «لا حرج» متفق عليه، وقال ابن رشد المالكي: "ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى في حجته الجمرة يوم النحر، ثم نحر بدنه، ثم حلق رأسه، ثم طاف طواف الإفاضة، وأجمع العلماء على أن هذا سنة الحج-أي الترتيب-". « بداية المجتهد» (1/ 352). "وإذا لم يتيسر له الطواف يومَ العيد جاز تأخيره، والأَولى أن لا يتجاوزَ به أيامَ التشريق إلا من عُذرٍ كمرضٍ وحيضٍ ونفاسٍ". «مناسك الحج والعمرة والمشروع في الزيارة» (ص74).
أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، قال ابن عبدالبر المالكي-رحمه الله-: "فأيام منى ثلاثة بإجماع، وهي أيام التشريق" ((التمهيد)) (21/ 233)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "... ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق..." رواه أبو داود (1973) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (1721). فيرجع الحاج يوم العيد بعد الطواف والسعي إلى منى، فيمكثُ فيها بقيةَ يوم العيد وأيام التشريق ولياليها، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يمكث فيها هذه الأيام والليالي، ويلزمه المبيت في منى ليلةَ الحادي عشر وليلة الثاني عشر وليلة الثالث عشر إن تأخر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم باتَ فيها. وقال: «لتأخذوا عني مناسككم». ويجوز ترك المبيت لعذرٍ يتعلق بمصلحة الحج أو الحجاج؛ لما في الصحيحين من "حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فَأَذِنَ له". البخاري (1634)، ومسلم (1315) ولو تعجل في يومين فلا أثم عليه ،قال تعالى:(وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) [البقرة: 203]وعن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام منى ثلاثة: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (3044)، وابن ماجه (2459)،وصححه الألباني في "صحيح أَبي داود" (1703)، و"المشكاة" (2714).
يرمي الجمرات الثلاث في كل يومٍ من أيام التشريق كل واحدة بسبع حصيات مُتعاقبات، يكبر مع كل حصاة، فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ: «هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» رواه البخاري برقم (1752)، وإذا لم يتيسر له طول القيام للدعاء بين الجمار لعذر كمرض أو إجراءات نظامية، وقَفَ بقدر ما يتيسر له ليحصل إحياء هذه السنة أو انصرف مباشرة، اتباعاً للتراتيب والإجراءات المنظمة للحج.
يجب طواف الوداع بعد انتهاء أعمال المناسك، وقبل أن يخرج الحاج من مكة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" رواه البخاري (1755)، ومسلم (1328).
وهو ميقات أهل المدينة وجميع من مر به من غير أهله، وسمي ذا الحليفة لأنه كان فيه شجرة صغيرة يقال لها الحلفة، وتبلغ المسافة من ميقات ذي الحليفة إلى مكة المكرمة 420 كلم تقريباً، وهو أبعد المواقيت عن مكة.
وهو ميقات أهل نجد ومن جاء من طريقهم كدول الخليج وأهل المشرق كلهم، ويسمى اليوم بالسيل الكبير ويبعد عن مكة 78 كلم تقريباً، ومنهم من يحرم من وادي محرم على طريق الهدا لوقوعه بمحاذاة السيل الكبير.
ميقات ذات عرق وهو ميقات أهل العراق ومن جاء من طريقهم، ويبعد عن مكة 100كلم تقريباً. وهذه المواقيت لأهلها ولمن مرّ عليها من غير أهلها، ومن كان بيته دون الميقات فميقاته من موضعه، ومن لم يكن على طريقه ميقات فإنه ينظر محاذاة أقرب المواقيت الخمسة السابقة له فإذا حاذاها أحرم.
وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء من طريقهم، وهو ميقات قريب من رابغ، ويبعد عن مكة 186 كلم تقريباً.
وهو ميقات أهل اليمن ومن جاء من طريقهم كجازان وتهامة وغيرهم، ويسمى الآن السعدية، ويبعد عن مكة 120كلم تقريباً.
هو قبلة المسلمين، ومهوى أفئدتهم، وأطهر بقاع الأرض، وهو بيت الله العتيق، وأول بيتٍ وضع للناس للعبادة، قال تعالى: (إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)، وعن أبي ذر أنه قال: "يا رَسُولَ اللهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ". وسُمي المسجد الحرام بهذا الاسم تعظِيمًا لِحُرْمَتِهِ، ولتحريم القتال فيه وتنفيرُ صيدِه، ولا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَ، إِلا لِمُعَرِّفٍ، فعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال النبي : "حرَّم اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ". وهو من أولى المساجد التي تُشدُّ إليه الرحال من الأماكن البعيدة، فعن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ؛ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ ﷺ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى"، وفي فضله أن الثواب فيه مُضاعف، فالصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة، روي عن جابر أنه قال: قال رسول الله : "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِئَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ". فهو بيتٌ مبارك لما جعل الله فيه من الخير العظيم، والقربة بأنواع العبادات من صلاة، وطواف، واعتكاف وغير ذلك؛ كل ذلك من أسباب تكفير الذنوب، وغفران الخطايا، ورفعة الدرجات، قال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، فالله قد جعل هذا البيت مثابة للناس يثوبون إليه، ولا يملون منه، بل كلما صدروا أحبوا الرجوع إليه، لما جعل الله في قلوب المؤمنين من المحبة له والشوق إلى المجيء إليه.
شَيَّد بناء الكعبة إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما السلام-، بأمر من الله تبارك وتعالى، ففي صحيح البخاري أن إبراهيم قال: "يا إسِمَاعيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا. قَال:َ أَطِعْ رَبَّكَ. قَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ. قَال:َ إِذَنْ أَفْعَلَ. أَوْ كَمَا قَالَ. قَال:َ فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ..."، والكعبة المشرفة، لها فضلٌ عظيم في الإسلام، فقد قال النبي ﷺ: "هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ". وسُميت الكعبة بذلك، لأنها مُكَعَّبَةٌ على خِلْقَةِ الكَعب، وقال مجاهد: "لأنها مربَّعة"، وقال النووي: "لاستدارتها وعلوها، وقيل: لتربيعها". وتحتوي الكعبة المشرفة على عدة معالم وهي على النحو الآتي: الحَجَرُ الأسود: الحجر، قال الجوهري: وجمعها في القِلَّة أَحْجَارٌ، وفي الكثرة: حِجارٌ وحِجَارةٌ وحِجَارٌ، وهو نادر، قال الزَّبِيدي: "والحجر الأسود كرمه الله تعالى، معروف، وهو حجر البيت حرسه الله تعالى". والحَجَرُ الأسود: هو حجر في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة من الخارج، بيضاوي الشكل، يرتفع عن الأرض مترًا ونصف، أسود اللون ذو تجويف، ومحاط بإطار من الفضة، وفيه ثمانية قطع صغيرة مختلفة الحجم. والحجر الأسود يستلمه الطائف عند طوافه، فهو مبدأ الطواف وإليه ينتهي. وأما تقبيل الحَجَرَ -لمن تيسر له من غير مزاحمة وأذية ومشقة- لما ثبت أن النبي قال لعمر : "يَا عُمَرُ، إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ"، واستلامه عبادة لله وحده، واقتداء بالنبي الذي قال: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ". ولم نؤمر بالاستلام والتقبيل لحجر من الحجارة إلا الحجر الأسود، ولذا شُرع تقبيله واستلامه،كما يسن للطائف الذي لم يستطع استلامه أن يشير إليه كما روى ابن عباس قال: "طَافَ النَّبِيُّ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ"، وفي رواية: "أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ". والحَجَرَ لا يضُر ولا ينفع، فعَنْ عُمَرَ : "أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ"، ومن الفضائل الواردة عن الحَجَرِ أنه: -حجر من الجنة: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي قال: "نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ". - مسح الحجر يَحُطّ الخَطَايَا: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي : "إِنَّ مَسْحَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَالرُّكْنِ الْيَمَانِي يَحُطَّانِ الْخَطَايَا حَطًّا". -يشهد يوم القيامة لمن استلمه بحق: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: قال رسول الله عن الحجر: "وَاللهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، يَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ" ، وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله : "يَأْتِي الرُّكْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، لَهُ لِسَانٌ وَشَفَتَانِ". الحِجْر: والحِجْر: هو ما تركت قريش في بنائها من أساس إبراهيم ، وحجرت على الموضع ليعلم أنه من الكعبة، فسمّي حجرًا لذلك، وسمّي حجرًا لاستدارته، وهو الحائط المستدير المقوس من جهة شمال الكعبة بين الركنين العراقي والشامي، ويسمى كذلك: الحطيم، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- "الحطيم: الجدر". يعنى جدار حِجْرِ الكعبة"، وقيل سمي به؛ لأن البيت رُفع وُترك هو محطومًا. وتُستحب الصلاة في الحِجْر لمن تيسر له بلا مزاحمة، والمُصلي فيه كأنما صلّى في الكعبة؛ لأن الحِجْر قطعةٌ من الكعبة، ولمَّا كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تُحب أن تُصَلِّيَ في الكعبة، أدخلها النبي الحِجْر، وأرشدها أن تصلي فيه؛ لأنه قطعة من الكعبة. فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّيَ فيه، فَأَخَذَ رسول اللَّهِ بِيَدِي، فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فقال: "صَلِّي في الْحِجْرِ إن أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هو قِطْعَةٌ من الْبَيْتِ، وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوهُ حين بَنَوْا الْكَعْبَةَ، فَأَخْرَجُوهُ من الْبَيْتِ". الركن اليماني: هو ركن الكعبة المشرفة الجنوبي الغربي، ويوازي الركن الجنوبي الشرقي الذي يوجد به الحجر الأسود، وهو يسبق الحجر الأسود في الطواف، وهو يستلم ولا يبدأ منه الطواف، إنما يبدأ من الشرقي -الحجر الأسود-. ولمن تيسر له استلام الركن اليماني -من غير مشقة ومزاحمة وأذية- فإنه يحط الخطايا حَطًّا: فقد روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي قال: "إِنَّ مَسْحَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يَحُطَّانِ الْخَطَايَا حَطًّا". الملتزَم: الملتزَم: هو بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وباب الكعبة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ"، وعَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: "مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ يُدْعَى الْمُلْتَزَمَ، وَلَا يَقُومُ عَبْدٌ ثَمَّ فَيَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ"، سُمّي بذلك لأن الناس يلزمونه عند الدعاء، ويقال له: المدَّعى والمتعوّذ لالتزامه للدعاء والتعوّذ، وهو من المواضع التي يستجاب فيها الدعاء، وقدره أربعة أذرُع. ويستحب إلصاق الصدر وبسط اليدين والدعاء عنده من غير مزاحمة وأذية لمن تيسر له، وذلك لما ورد في بعض الآثار، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، وأقام بين الركن والباب، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله يفعله.
زمزم: هي بئر في المسجد الحرام، تقع شرقي الحجر الأسود وجنوبي موقع مقام إبراهيم ، سميت زمزم لكثرة مائها، وقيل: لضم هاجر -عليها السلام- لمائها حين انفجرت وزمها إياها، وقيل لزمزمة جبريل وكلامه. وتعود قصة ظهور بئر زمزم لما خرج إبراهيم بزوجته هاجر وابنهما إسماعيل -عليهم السلام- وقدم إلى مكة كما في رواية البخاري من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ: آللهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا... وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ..."، "فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ فَقَالَتْ أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ فَإِذَا جِبْرِيلُ قَالَ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ: فَانْبَثَقَ الْمَاءُ فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ". ومن فضائل ماء زمزم: ما ثبت من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما– قال: قال رسول الله : "خَيرُ مَاءٍ عَلىَ وَجْهِ الأرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ، فِيهِ طَعَامٌ مِنْ الطعْمِ، وَشِفاءٌ مِنْ السقْمِ"، وفي رواية مسلم عن أبي ذر أنه قال: قَالَ رسول الله : عن ماء زمزم "إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ"، وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنهما– يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ يَقُولُ: "مَاءُ زَمْزَمَ، لِمَا شُرِبَ لَهُ"، فيستحب الشرب من ماء زمزم والتضلع منه، والدعاء بما تيسر من الدعاء النافع.
أما الصفا: وهو جبل صغير يبتدئ منه السعي، ويتكون من صخور ظاهرة في الدور الأرضي للمسعى، وأما المروة: فهو جبل صغير ينتهي عند شوط السعي. وأما سبب التسمية: قَالَ الزَّجَّاج:ُ الصَّفَا: فِي اللُّغَةِ: الْحِجَارَةُ الصَّلْبَةُ الصَّلْدَةُ الَّتِي لا تُنِبْتُ شَيْئًا، وَهُوَ جَمْعٌ وَاحِدُهُ صَفَاةٌ، وَصَفَا مِثْلُ حَصَاةٍ وَحَصَى، وَالْمَرْوَةُ: الْحِجَارَةُ اللَّيِّنَةُ. والصفا والمروة هما من شعائر الله ، ارتبطا بشعيرة السعي في الحج والعمرة، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، فالمسعى يبتدأ به من الصفا الذي يقع جنوبًا والمروة تقع شمالاً، ويبلغ مسافة ما بينهما (394م)، والسعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحج والعمرة، قال النووي -رحمه الله-: "إن السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحج لا يصح إلا به ولا يُجبَر بدمٍ ولا غيره". والسعي بين الصفا والمروة شعارٌ قديم من عهد هاجر أم إسماعيل -عليهما السلام، ففي الحديث لما ذهبت هاجر -عليها السلام- للبحث عن الماء، "فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ : فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا"
مقام إبراهيم هو: الحجر الذي كان إبراهيم يقف عليه قائمًا عند بناء الكعبة لما ارتفع البناء عن قامته فوُضِع تحته هذا الحجر ليرتفع عليه، قال ابن عباس فلذلك سُمي مقام إبراهيم لقيامه عليه، ويقع المقام شرقي الكعبة مواجهًا لباب الكعبة. وهو عبارة عن هيكل مصنوع من النحاس وبه شبك داخلي مطلي بالذهب، ويحوي داخله الحجر، وأسفله قاعدة رخامية بيضاء. ويسن الصلاة خلف المقام، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ". ولم يأمر الله سبحانه وتعالى أن يتخذ مقام نبي من الأنبياء مُصلى، إلا مقام إبراهيم، لقوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ قال قتادة ومقاتل: إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه.
هي من المشاعر المقدسة التي ترتبط من الناحية الزمنية والمكانية بالحج، فمشعر منى، هو أولى المشاعر التي يبدأ فيها أعمال الحج، وهي أقرب المشاعر إلى المسجد الحرام، وتقع مِنى في الجهة الشرقية منه، وتبعد عنه (4 كم2)، وسُمِّيت بذلك: لما يمنى فيه من الدماء، أي: يُراق، وقيل سميت منى: لِأَن الكَبْش مُنِي بِهِ، أَي: ذُبِح. تبلغ مساحتها الشرعيَّة نحو (7.82كم2)، يبيت فيها الحاج يوم الثامن ويسمى-يوم التروية- وهي ليلة التاسع من ذي الحجة، ويعود إليها ويبقى بها يوم العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر لمن تأخر. والثلاثة الأيام الأخيرة هي أيام التشريق، وأيامها أيام أكلٍ وشُرب، وذِكْرٍ لله تعالى، كما قال النبي : "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ". ومن المعالم الرئيسة في منى ما يلي: الجمرات: جمع جمرة، وهي: الجمرات الثلاث التي بمنى يرميها الحاج، قال الجوهري: وهي ثلاث جَمَراتٍ يُرْمَينَ بالجِمارِ، والجمرة: الحصاة، واسم -كذلك- لاجتماع الحصى. ورمي الجمار واجب من واجبات الحج. وأما عن مشروعية رمي الجمرات فهي لِحَكم عظيمة منها: كمال التعبد لله جلا وعلا والتسليم لأوامره، والانقياد لشرعه، ومنها: إقامة ذكر الله جلا وعلا، ومنها: إرغام الشيطان بالتسليم لأمر الله جلا وعلا، تعظيمًا لهذا الأمر منه، ومنها: الاقتداء بالخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فعن جابرِ بنِ عبد اللهِ -رضي الله عنهما- في بيان صفة حَجِّ النبيِّ لما رمى جمرة العقبة فقال: "...ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي"، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- رَفَعَهُ إلى النبيِّ قَالَ: "لَمَّا أَتَى إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ عَرْضَ لَهُ فِي الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "الشَّيْطَانَ تَرْجُمُونَ، وَمِلةَ أَبِيكُمْ تَتَّبِعُونَ". ومن الفضائل الواردة في رمي الجِمار، ما رواه ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله : "وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ؛ لا يَدْرِي أَحَدٌ مَا لَهُ حَتَّى يُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وعن ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ : "إِذَا رَمَيْتَ الجِمَارَ كَانَ لَكَ نُوراً يَوْمَ القِيَامَةِ". مسجد الخَيْف: الخَيْفُ: ما انحدر عن غِلَظِ الجبلِ وارتفع عن مسيل الماء، ومنه سمِّي مسجد الخَيْفِ بمنىً، هو المسجد المعروف الآن، وهو محل خطبة النبي بمنى، وصلواته، ويسمي كذلك مسجد العيشومة. ورد في فضله أنه صلى في مسجد الخيف سبعون نبيّاً، فقد روى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ النبي : (صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا).
عرفة، وعرفات: اسم لموضع واحد بمكة، وهو ثان المشاعر المقدسة بعد منى، وهو المكان الذي يؤدي فيه الحُجاج ركن الحج، وهو الوقوف بها، قال النبي : "الحَجُّ عرفة"، قال ابن المنذر –رحمه الله-: "أجمعوا على أن الوقوف بعرفة فرض، ولا حج لمن فاته الوقوف بها"، وأما تسمية عرفة بذلك؛ قيل: لأن الناس يتعارفون به، وقيل: لأن جبريل طاف بإبراهيم ، فكان يريه المشاهد، فيقول له: أعرفتَ؟ أعرفتَ؟ فيقول إبراهيم: عرفتُ عرفتُ، وقيل: سمّيت عرفة بذلك كأنّه عرف حدّه لتميزه عن غيره من الأرضين، وعرفة عبارة عن سهل منبسط محيط بقوس من الجبال يقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة، يليها مشعر مزدلفة بـ (6كم2)، وتبلغ مساحة عرفة (10.4 كم2). وقد كانت قريش يقفون بمزدلفة وسائر العرب يقفون بعرفات، حتى جاء الإسلام فأمر الله نبيه أن يأتي عرفات ويقف بها، فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قالت: "كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ العَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾" ولأن الوقوف بعرفة داخل حدودها ركن من أركان الحج، فقد وضعت المملكة العربية السعودية علامات واضحة حول أرض عرفة تبين حدودها، ويجب على الحاج أن يتنبه لها؛ لئلا يقع وقوفه خارج عرفة، فيفوته الحج. ومن المعالم الرئيسة في عرفة ما يلي: جبل عرفة: ويسمى: "جبلُ إلال"، وهو جبلٌ مشهور، وهو جبل متطامن نسبة لما حوله مكون من حجارة صلبة، ويقع شرقي عرفات وليس في نهايتها، يبلغ ارتفاع هذا الجبل 65 مترًا، وقد بُني عليه شاخص ليدل على مشعر عرفة، فلم يُميز الشاخص لِبركة خاصة فيه، وليس له فضل مختلف عن وقوف الحاج يوم عرفة في أي مكان آخر في حدود عرفة، ولا يشرع صعود الجبل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولا يُشْرَع صعود جبل الرحمة إجماعًا". وقال ابن جماعة: "وما اشتهر من ترجيح الوقوف على جبل الرحمة، فخطأ وجهالة، وابتداع قبيح، فحَدَث بعد انقراض السلف" .وقال النووي: "ويصح الوقوف في أي جزءٍ كان من أرض عرفاتٍ بإجماع العلماء" لحديث جابر أن رسول الله قال: "وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ"، وهو مما يُستدل به أن النبي لم يقف أعلى الجبل، وإنما عند أسفله (الصخرات) المفترشة، ففي الحديث السابق: "...رَكِبَ رسول الله حتى أَتَى الْمَوْقِفَ. فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاء إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ...". وجبل عرفة اليوم من المعالم والأماكن التاريخية التي تُزار طوال العام، وزيارتها من أجل المعرفة والاطلاع مباحة شرعًا، وأما إن كانت الزيارة تعبدًا لله وتقربًا له واعتقادًا لفضلها فغير مشروعة، حيث لم يصح في فضل صعود الجبل، ولم يرد دليلٌ صحيح مطلقًا، كما يحذر الزائر من التبرك بحجاره الجبل أو الشاخص، أو بصخوره وترابه، أو الصلاة فيه، والدعاء عنده، وغير ذلك من المخالفات الشرعية، لأنها لم ترد في الكتاب ولا في السنة النبوية ولم يفعلها سلف الأمة، فقد قال رسول الله : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ". مسجد نَمِرة: مسجد نَمِرة: على حدود عرفة من جهة وادي عرنة، -جزء منه داخل حدود عرفة في مؤخرة المسجد وهناك علامات توضح ذلك يتنبّه لها الحاج-، قال رسول الله : "كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ..." . ويسمى المسجد بعدد من الأسماء: كمسجد عرفة، ومسجد إبراهيم ، وأشهرها هو المسمَّى حالياً: مسجد نمرة، وسمي لذلك نسبة إلى جبل نمرة. ومسجد نمرة هو الموضع الذي نزل به النبي فخطب بالناس ثم صلَّى، ففي حديث جابر الذي يصف حجة النبي قال: "...حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ، أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ... ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا...".
هي من المشاعر المقدسة التي ترتبط من الناحية الزمنية والمكانية بالحج يقصدها الحجاج ليلة العاشر من ذي الحجة، فيدفع الحاج من عرفات إلى مزدلفة، قال تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ﴾ وتقع مزدلفة بين عرفاتٍ ومِنى، وتُقدَّر مساحتها بنحو: (9630م). سُميت بمُزْدَلِفة قيل: من الازدلاف وهو: الاقتراب؛ لأنها مقربة من الله، وقيل: لاقتراب النّاس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات، وقيل: لمجيء الناس إليها زلفًا من الليل، أي: ساعات، وقيل: لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم، وتسمى مزدلفة: بالمشعر الحرام لقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾، وتسمى جمعًا؛ لأنه يُجمع فيها بين صلاتي المغرب والعشاء. والمبيت بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة واجبٌ من واجبات الحج، فعن جابرِ بنِ عبد اللهِ -رضي الله عنهما- في صفة حَجِّ النبيِّ قال: "حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بها الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، ولم يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شيئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رسولُ اللَّهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حين تَبَيَّنَ له الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حتى أتى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فلم يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قبل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ". ومن فضائل مزدلفة: عن بِلاَلِ بنِ رَبَاحٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ غَدَاةَ جَمْعٍ: "يَا بِلاَلُ، أَسْكِتِ النَّاسَ" أو: "أَنْصِتِ النَّاسَ"، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَطَوَّلَ عَلَيْكُمْ في جَمْعِكُمْ هَذا فَوَهَبَ مُسِيئَكُمْ لِمُحْسِنِكُمْ، وَأَعْطَى مُحْسِنَكُمْ مَا سَأَلَ، ادْفَعُوا بِاسْمِ اللَّهِ".
وهو جبل يقع في الشمال الشرقي للمسجد الحرام على طريق الطائف ويبعد عن المسجد الحرام 4كم2، ويبلغ ارتفاعه 642 مترًا، وتشبه قمته سنام الجمل، وتبلغ مساحته خمسة كيلو مترات، وبه (غار حِراء)، الذي كان يتعبد فيه النبي قبل بعثته، وابتدأ نزول الوحي عليه فيه، عندما نزلت أول آية في القرآن الكريم، ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فَجَاءَهُ المَلَكُ -جبريل - فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ: "فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} ومما ورد في ذكر الجبل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ، كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : "اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ". وليعلم الزائر أن الزيارة لهذا المكان التاريخي من أجل المعرفة والاطلاع مباحة شرعًا، وأما إن كانت الزيارة تعبدًا لله وتقربًا له واعتقادًا لفضلها فغير مشروعة، حيث لم يصح دليل في فضل صعود الجبل وزيارة الغار، وليست زيارته من نسك الحج، فلا يُشرع صعود الجبل وزيارة الغار على وجه التعبد، أو التبرك بحجارته وصخوره وترابه، أو الصلاة فيه، والدعاء عنده، وغير ذلك من المخالفات الشرعية، لأنها لم ترد في الكتاب ولا في السنة النبوية ولم يفعلها سلف الأمة، فقد قال رسول الله : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ".
جبل ثور يقع جنوب المسجد الحرام ويبعد عنه 4 كم2، ويبلغ ارتفاعه نحو 748 مترًا تقريبًا، قال الجوهري: وثور: جبل بمكة، وفيه الغار المذكور في القرآن، ويقال له ثور أطحل. نزل عنده ثور بن عبد مناة فنسب إليه. وجبل ثور به الغار الذي مكث فيه النبي وصاحبه أبو بكر الصديق ثلاث ليالي حين هجرتهما إلى المدينة المنورة، حيث خرج المشركون يبحثون عنهما، فوقف بعضهم على مدخل الغار، فقال أبو بكر للنبي لو نظر أحدهم موضع قدميه لرآنا، فقال له الرسول : "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا"، فأنزل الله طمأنينته وتأييده ونصره لرسوله فقال سبحانه: ﴿إِلَاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا﴾. وليعلم الزائر أن الزيارة لهذا المكان التاريخي من أجل المعرفة والاطلاع مباحة شرعًا، وأما إن كانت الزيارة تعبدًا لله وتقربًا له واعتقادًا لفضلها فغير مشروعة، حيث لم يصح دليل في فضل صعود الجبل وزيارة الغار، وليس زيارته من نسك الحج، فلا يُشرع صعود الجبل وزيارة الغار على وجه التعبد، أو التبرك بحجارته وصخوره وترابه، أو الصلاة فيه، والدعاء عنده، وغير ذلك من المخالفات الشرعية المنهي عنها، لأنها لم ترد في الكتاب ولا في السنة النبوية ولم يفعلها سلف الأمة، فقد قال رسول الله : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ ".
هي من مقابر أهل مكة الرئيسة قديمًا، وتقع في منطقة الحجون شمال المسجد الحرام على بعد 700م، وقد دفن بها عدد من الصحابة ، ولايزال يدفن فيها إلى هذا اليوم. ولم يثبت في فضلها دليل صحيح يخصها عن بقية المقابر، وإنما يشرع للرجال زيارتها كبقية المقابر للسلام على من فيها، ويدعو بالدعاء الذي علمه النبي ﷺ لأصحابه عند زيارة المقابر بأن يقولوا: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَلَاحِقُونَ. أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا ولكم العافية". فعلى الزائر لهذه المقبرة تحري موافقة السنة في الزيارة، وأن يحذر من الوقوع في المخالفات الشرعية كالتبرك والاستغاثة والتوسل، أو أخذ شيء من الحصى والتراب، لأن ذلك مخالف لتعاليم الدين الحنيف.
الجِعْرانة: هي من الحِلَّ، خارج حدود الحرم، وتقع في الشمال الشرقي لمكة المكرمة، ما بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، وتبعد قرابة (25 كم2) عن المسجد الحرام، سميت بذلك نسبةً إلى امرأة كانت تُلقب بالجِعْرَانة واسمها: ريطة بنت سعد وأن الموضع يسمى بها، والجِعْرانة هو المكان الذي أحرم منه رسول الله لعمرته بعد عودته من غزوة الطائف، قال أَنَس : "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ أَرْبَعَ عُمَرٍ...َعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْن"، نزل بالمكان وقسم غنائم حُنين ثم أحرم منها ليلاً، وهو المكان الحالي الذي يوجد به المسجد، ويسمى مسجد الجعرانة، وبجواره مقبرة، يشاع عند بعض الناس أن بها شهداء حُنين، والصحيح أن هذه المقبرة حديثة وبعيدةٌ عن موقع الغزوة، كما أن المسجد والمقبرة القائمين تمّ إنشاؤهما حديثًا. وأما المقبرة فلم يثبت في فضلها دليلٌ صحيح يخصها عن بقية المقابر، وإنما يشرع للرجال زيارتها كبقية المقابر للسلام على من فيها، ويدعو بالدعاء الذي علمه النبي ﷺ لأصحابه عند زيارة المقابر بأن يقولوا: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَلَاحِقُونَ. أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا ولكم العافية". فعلى الزائر لهذه المقبرة تحري موافقة السنة في الزيارة، وأن يحذر من الوقوع في المخالفات الشرعية كالتبرك والاستغاثة والتوسل، أو أخذ شيء من الحصى والتراب، لأن ذلك مخالف لتعاليم الدين الحنيف.
التَّنْعيم: هو عند طرف حرم مكة من جهة المدينة المنورة، يبعد مسافة (3 كم2) عن المسجد الحرام. وهو أقرب الحِلَّ إلى البيت. سُمي بذلك لأن جبلاً عن يمينه يقال له: نعيم وآخر عن شماله يقال له ناعم. والتنعيم هو المكان الذي أمر النبي عبدالرحمن بن أبي بكر أن يخرج بأخته عائشة -رضي الله عنها- إلى التنعيم لتهل بالعمرة بعد الحج، ففي الحديث قالت: "فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ»"، وسمي بعد ذلك الجامع المبني فيه بجامع عائشة -رضي الله عنها. ويحظى المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر المقدسة من حكومة المملكة العربية السعودية بعناية فائقة واهتمام كبير جدًا في تنظيمها، وتطويرها، وزيادة طاقتها الاستيعابية، وتسهيل وصول القاصد إليها، لأداء نُسكه وزيارته بتوفير أعلى وسائل الراحة والأمان والطُمأنينة.
عرفت هذه المقبرة باسم الغزوة التي عرفت باسم الجبل الذي وقعت عنده، وتقع المقبرة في شمال المدينة ، وتبعد عن المسجد النبوي خمسة أكيال ونصف ،ولقد ثبت أن النبي ﷺ زار شهداء أحد وقال:" هذه قبور إخواننا". رواه أحمد برقم( 1387)،وأبو داود برقم (2043)،وصححه الضياء في «المختارة» (3/14)،وابن عبد البر في «التمهيد» (20/245)،والألباني في «صحيح أبي داود »برقم (1781)، وقوله «(قُبُورُ إِخْوَانِنَا) إِنَّمَا أَضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسْبَةَ الْأُخُوَّةِ وَشَرَّفَ بِهَا لِمَنْزِلَةِ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» ويشرع للرجال زيارة مقبرة شهداء أحد للسلام عليهم ويدعو بالأدعية الثابتة عند زيارة القبور : 1/«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا، إِنْ شَاءَ اللهُ، بِكُمْ لَاحِقُونَ» رواه مسلم برقم (102). 2/ «السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ »رواه مسلم برقم (103). أما النساء فلا يجوز لهن زيارة المقبرة ؛لأن النبي ﷺ قال: "لعن زوارات القبور" رواه الترمذي برقم (1056) وصححه الألباني برقم 1056. فعلى الزائر لهذه المقبرة تحري موافقة السنة في الزيارة وأن يحذر من الوقوع في المخالفات الشرعية كالتبرك والاستغاثة والتوسل بشهداء أحد، والطواف حول المقبرة، أو أخذ شيء من الحصى والتراب، وكل ذلك مخالف لتعاليم الدين الحنيف.
البقيع من الأرض: المكان المتسع، وبقيع الغرقد: موضع بظاهر المدينة، وهو مقبرة أهل المدينة، وهي داخل المدينة، كان به شجر الغرقد ،وكان النبي ﷺ يزور بقيع الغرقد ويستغفر لأهله، فعَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنها -، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا، إِنْ شَاءَ اللهُ، بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللهُمَّ، اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» رواه مسلم برقم (102). ويُسنُّ لمن كان بالمدينة من الرجال زيارتها للسلام عليهم والدعاء لهم، أما النساء فلا يجوز لهن زيارة المقبرة لأن النبي ﷺ قال: "لعن زوارات القبور" رواه الترمذي برقم: (1056) وصححه الألباني برقم 1056. فعلى الزائر لهذه المقبرة تحري موافقة السنة في الزيارة، وأن يحذر من الوقوع في المخالفات الشرعية كطلب الحوائج والاستغاثة من الموتى لأن هذا لا يطلب إلا من الله عز وجل. ومن المخالفات الشرعية التبرك بأخذ شيء من الحصى والتراب من القبور، أو بإلقاء المناديل على القبور أو الطواف حولها.
هي موضع في المسجد النبوي يقع بين المنبر وبيوتات النبي ﷺ، ويستحب لمن زار المسجد النبوي من الرجال والنساء التعبد بأنواع من التعبدات في الروضة كالصلاة والدعاء وذكر الله وغيرها من أنواع العبادات؛ لقول النبي ﷺ: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" (البخاري 1195, مسلم 1390). ومعنى "رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" أَيْ: كَرَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فِي نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُصُولِ السَّعَادَةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَازَمَةِ حِلَقِ الذِّكْرِ لَا سِيَّمَا فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ. أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ رَوْضَةٌ حَقِيقَةٌ بِأَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ).
يسن لمن زار المدينة النبوية أن يزور قبر النبي ﷺ، للسلام عليه ﷺ وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، وقد حثّ النبي ﷺ على زيارة القبور عموماً، وقبر رسول الله ﷺ أولى ما يزار. وصفة الزيارة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم كالتالي: 1- أن يقف في مواجهة القبر النبوي مستقبلاً القبر، بأدب واحترام، ولا يرفع صوته توقيراً للنبي ﷺ. 2- يسلم على النبي ﷺ وصاحبيه رضي الله عنهما بالسلام الشرعي، فعن نافع رحمه الله: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه" (رواه ابن أبي شيبة 11793، عبد الرزاق 6724, البيهقي 10271). وليجتنب المسلم المخالفات الشرعية عند زيارته لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ومنها: 1/لا يجوز سؤال النبي ﷺ أو غيره من الأموات قضاء الحاجات، أو تفريج الكربات، أو شفاء المرضى؛ لأن هذا لا يطلب إلا من الله عز وجل. 2- لا يجوز أن يتمسح بشباك القبر النبوي أو الجدران وغيرها. 3- النهي عن شد الرحال إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وغيرها من القبور ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى " متفق عليه
قُبَاءٌ بضم القاف وتخفيف الباء وبالمد، وأصله اسم بئر هنالك، ويقع جنوب المسجد النبوي بستة أكيال، على يسار قاصد مكة، ويستحب الصلاة في مسجد قباء لمن كان بالمدينة من أهلها أو الزوار، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان النبي ﷺ يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيًا وراكبًا" وكان عبد الله رضي الله عنه يفعله (متفق عليه، البخاري برقم 1193, ومسلم برقم 1399). وعن سهل بن حنيف-رضي الله عنه-قال قال رسول الله ﷺ: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة" رواه ابن ماجه برقم 1412,وأحمد برقم 15981, والترمذي مختصراً برقم 324 وقال: «حسن صحيح»، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم 1168.