((لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه, ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال))
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
السمع والطاعة: وهي من أعظم واجبات الإمام وأهم حقوقه، وذلك أنَّ استقرار الحكم، واتفاق الكلمة واجتماع القلوب هي في طاعتهم إذا أمروا بالمعروف. قال شيخنا ابن باز -رحمه الله-: "الواجب على الرعية السمع والطاعة لولي الأمر في المعروف والحذر من الخروج عليه بالقتال؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ». صحيح مسلم (1852). ، ولما ثبت في الأحاديث الصحيحة الكثيرة من وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وإن عصى وظلم، ما لم يقع منه الكفر البواح؛ وما ذاك إلا لأنه يترتب على الخروج فساد عظيم وعواقب وخيمة تربو على ما حصل منه من الخلل". فطاعة ولي الأمر، وترك منازعته، طريقة أهل السنة والجماعة، وهذا هو فصل النزع بين أهل السنة، وبين الخوارج". [وجوب البيعة الشرعية لإمام المسلمين ونواقضها، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السند (ص: 35، 36)]
"الدعاء للإمام بالصلاح والهداية والتوفيق والتسديد والتأييد من حقوق الإمام على رعيته، فإن خيار الأئمة كما جاء في صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه-: «الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ».صحيح مسلم (1855). وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام، لأنه إذا صلح الإمام أَمِن البلاد والعباد". وقال الإمام أحمد رحمه الله: "وإني لأدعو له -أي السلطان- بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، والتأييد، وأرى له ذلك واجباً علي". وقال البربهاري رحمه الله: "إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله". وقال النووي رحمه الله: "الدعاء لأئمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح، والإعانة على الحق، والقيام بالعدل ونحو ذلك... فمستحب بالاتفاق". وذكر ابن رجب رحمه الله أن من النصيحة لهم: " الدعاءُ لهم بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك". فإذا رأيت الإنسان يدعو للإمام فاعلم أنه على طريق سنةٍ وعلى هَدي مستقيم، وأنه صاحب سنة، وإذا رأيت من يأنف من الدعاء للإمام فاعلم أنه صاحب انحراف ومسلك ضال؛ لأن الدعاء للإمام من مقتضيات البيعة له، ومن النصح له أن تدعو له في صلاتك، وفي مواطن إجابة الدعاء، وكذلك على المنابر في مشاهد المسلمين واجتماعاتهم، فإنًّ هذا من دلائل الخير والتوفيق للمرء أن يخصَّ وليَ الأمر بالدعاء". [وجوب البيعة الشرعية لإمام المسلمين ونواقضها، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السند (ص:51-52)]
"الدفاع عن الدين والنفس والأهل والمال والبلاد وأهلها من الجهاد المشروع، ومن يقتل في ذلك وهو مسلم يعتبر شهيداً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ». أخرجه البخاري (907). وحراسة الوطن من أعداء الداخل من أهل الإفساد كمروجي المخدرات وأصحاب الفكر الضال، وممنْ يخططون لقتل الأنفس المعصومة، وشق عصا الطاعة، وترويع الآمنين، لا يقل أهمية عن أعداء الخارج؛ فإن مجاهدة هؤلاء وأمثالهم مما يدخل في الدفاع عن الوطن". [الانتماء واللحمة الوطنية، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السند (ص: 35)]
"ربطت الشريعة المرءَ بوطنه والانتماء إليه، وأقرت الفطر السليمة على حبه، وأوجبت الدفاع عن أراضيه، لأن هذه المحبة وهذا الانتماء هو الدافع إلى القيام بنهضة هذا الوطن، والمساهمة في تنميته، وأن يكون المرء من بُناته، الساعين في رفعة شأنه، سواء في مجال عمله، أو ما يحسنه من مواهب، وهذا الأمر لا يختص بفئة دون أخرى، وليس حكراً على جنس الرجال دون النساء، أو الكبار دون الصغار، فإن هذه أمور فطرية لابد من استثمارها الاستثمار الأمثل؛ لتكون لبنة في بناء هذا الوطن الكبير وإن من تأمل أحكام الشريعة وجدها تعزز جانب الانتماء لوطن الإنسان". [الانتماء واللحمة الوطنية ، لمعالي الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالله السند (ص: 33)].
لا يجوز مبايعة غير إمام المسلمين الأعظم في البلاد، وما تحدثه بعض الفرق والجماعات السياسية ومن مبايعتهم لمرشد لهم أو قائد، أو شخص يزعمون أنه خليفة لهم، فهو يناقض البيعة الشرعية ولا يجوز، وهذا مما حرمته الشريعة، وهذا من شق العصا، وسببٌ لإيجاد الفتنة والشر والضلال، فلا يجوز أن تتعدد البيعات. فالبيعة لإمام المسلمين وجماعة المسلمين واحدة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حديث حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه-: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» أخرجه البخاري (6306)، ومسلم (1847)، إمام واحد. فمثلاً في المملكة العربية السعودية ليس لنا إمام إلا ولي الأمر -خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله ورعاه- ولذا فإن تعدد البيعات مناقض للبيعة، وفي الحديث: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»" صحيح مسلم (1851). [وجوب البيعة الشرعية لإمام المسلمين ونواقضها، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السند (ص:18)] " واعلم أن ما تحدثه بعض الفِرق والجماعات السياسية من مبايعتهم لمرشد لهم أو قائد، أو شخص يزعمون أنه خليفة لهم، فهو يناقض البيعة الشرعية ولا يجوز، وهذا مما حرمته الشريعة، وهذا من شقِّ العصا، لأنها تتضمن أن الإنسان يجعل لنفسه إمامين وسلطانين: الإمام الأعظم الذي هو على جميع البلاد، والإمام الذي بايعه، وهي سبب لإيجاد الفتنة والشر والضلال". [حقوق ولي الأمر على رعيته، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السند (ص: ٣٧)]
إذا انعقدت البيعة لولي الأمر، فإن عليه حقوقاً يقوم بها بمقتضى البيعة من رعاية أمور الدين والدنيا، وله حقوق على رعيته يجب عليهم الوفاء بها وعدم نكثها. وقد اختلط على بعض الناس هذا الأمر وظن أن الحقين متلازمان، مما يستدعي إيضاح هذا الأمر، وتذكيرهم بما حُمِّلوا من حقِّ سيسألون عنه يوم القيامة، فإن بعض الناس تساهل في هذا الأمر، جهلاً منهم، أو تأثراً بما ينشره الخوارج والغلاة، والسائرون على طريقهم من أصحاب الفكر الضال والمناهج المنحرفة، مما يُلبسون على الناس به من زخرف القول وفاسده، ولذا كان من المهم التذكير بحقوق ولي الأمر التي على رعيته". [حقوق ولي الأمر على رعيته، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبدالله السند (ص: ١١)]
لا تنتظم أمور الدين والدنيا إلا بوجود إمام، ولذلك أجمع العلماء على وجوب تنصيب الإمام، ومبايعته؛ بمعنى العهد والعقد على السمع والطاعة بالمعروف، وعدم نزع يد الطاعة في شيء من الأمور، وطاعته في المنشط والمكره. قال ابن حزم رحمه الله: " اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأنَّ الأمة واجبٌ عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله ... والقرآن والسنة قد ورد بإيجاب الإمام من ذلك قول الله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59] مع أحاديث كثيرة صحاح في طاعة الأئمة، وإيجاب الإمامة". الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (4/ 72). وهذا الواجب من أعظم الواجبات الشرعية، فلا قيام للدين ولا للدنيا إلا بتنصيب الإمام وتوليته. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " يجب أن يعرف النَّاس أنَّ ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا الدنيا إلا بها". مجموع الفتاوى (28/ 390). والمقصود في جانب مبايعة الإمام، والبيعة: هي العهد، والميثاق: المقصود الرضا والانقياد والطاعة والسمع لولاة الأمور. كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59] وليس هذا إلا بوجود الإمام من المسلمين". [وجوب البيعة الشرعية لإمام المسلمين ونواقضها، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السند (ص:20-21)]
"إن من نعم الله المترادفة على هذه الدولة، دولة الإسلام والعز والأمن، والأمان والسلام: المملكة العربية السعودية، أن هيأ لها أئمة هدى يسيرون على المنهج الشرعي في أمورهم التي استرعاهم الله عليها، منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبد العزيز رحمه الله، ومروراً بأبنائه الملوك الذين تقلدوا الحكم من بعده: سعود، ثم فيصل، ثم خالد، ثم فهد، ثم عبد الله -رحمهم الله-، وإلى هذا العهد الزاهر؛ عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أعزه الله ونصره- كلهم سائرون على المنهج الشرعي الذي قامت عليه هذه الدولة المباركة: يناصرون دين الله، وينافحون عن شرعه، ويبذلون ما في وسعهم لنشره، يظهرون التوحيد والسنة، ويميتون الشرك والبدعة، فلله الحمد والمنة". [حقوق ولي الأمر على رعيته، لمعالي الشيخ: عبد الرحمن بن عبدالله السند (ص: ٤٣)]
جاءت الشريعة الإسلامية بالدعوة إلى التآلف والاجتماع، وحذرت من الفرقة والاختلاف. ومن مقاصد الشريعة: اجتماع المسلمين، ووحدة كلمتهم، وائتلاف صفهم، وقد أمر الله -عز وجل- بالاجتماع، وحذَّر من الاختلاف. قال الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]. انظر إلى هذا الأمر العظيم حيث أمر الله -عز وجل- بالاعتصام بحبله، وحبل الله: دين الله، وحبل الله: كتاب الله، وحبل الله: جماعة المسلمين، وحبل الله: الطاعة والجماعة. فحبل الله الذي أمر الله بالاعتصام به: كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأن يكون الإنسان مع جماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار". [وجوب البيعة الشرعية لإمام المسلمين ونواقضها، لمعالي الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالله السند (ص: 54)]
إننا -أيها الأحبة- في ظرف حالك ووقت عصيب تمر به الأمة الإسلامية، من فتن وويلات جاءت من خلال دعوات المضلين والخروج على ولاة أمر المسلمين، والاستقاء من مناهج وافدة ظاهرها الدعوة إلى الإسلام وباطنها مناهج سياسية تريد تمزيق الأمة وتفريق كلمتها وإدخال الشرور على شبابها حتى أصبح بعض شباب المسلمين ألعوبة بأيدي المغرضين دعاة الفتنة والضلال والجماعات المنحرفة الضالة المضلة، سواء الجماعات الكفرية والأحزاب السياسية كداعش والقاعدة، أو من أحزاب ولدت منها هذه الجماعات؛ كجماعة الإخوان المسلمين وغيرها، التي جاء بيان وزارة الداخلية للمملكة العربية السعودية في بيان خطورتها وتجريم الانتماء إليها والتعاطف معها ودعمها، صيانةً للأمة وشبابها وحفظًا لدينها. [معالي الرئيس العام أ.د/ عبدالرحمن السند]